كتب


الإحسان في تدبر القرآن

هذا الكتاب ــ إن شاء الله تعالى ــ نقلة نوعية بالتعامل مع القرآن الكريم و فهم الإسلام.

وهو  نظرة مستقبلية و للمدى البعيد.

موضوعه مثل عنوانه: حسن تدبّر القرآن الكريم.

كلمة الإحسان تشير إلى الحديث الشريف الذي يعتبر الإحسان مقاماً و درجة عالية في العبادة.

الإحسان هو : «أن تعبد الله كأنك تراه،  فإن لم تكن تراه فإنه يراك» .

فـ  «كأنك تراه تعني الشهود،  و إذا وصل الشخص إلى مرتبة الشهود،  فإنه يشهد بحقيقة الأمر،  كذلك إذا تدبر القرآن وصل تماماً إلى هذه الدرجة.

كلمة الإحسان إشارة إلى كلّ الكلمات المبنية على جذر «حَسَنَ»  في القرآن الكريم،  مثل قوله تعالى:

﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ ﴾
يونس: [ 10/ 26 ]

 والحسنى هي الجنة،

 وكذلك هو إشارة إلى أسمائه الحسنى كما في قوله تعالى:       

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ ﴾
الأعراف: [ 7/ 180 ]

القرآن الكريم مجال مقدّس وعلى درجة عالية ،  إذ إنه كلام ربّ العالمين في كتابه الذي أنزله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.

الإسلام استمرار للتراث الكوني الأصيل و تطهير له من شوائب التدخل البشري، و ذلك من خلال كتاب سماوي منزّل وحياً، واحد و كامل متكامل نقي من أيّ شائبة بشرية. و من خلال شرع موحى و كامل، ومن خلال شعائر العبادة كالصلاة و الحج و الصيام كاملة و نقية كمال و نقاء الوحي الذي جاء بها.


الإحسان في تدبر القرآن - ص36

مُنَزِّل القرآن سبحانه و خالق البشرية والذي هو أعلم بها، يعتبرها قد بلغت حد النضج، وقد آن لها أن تتخلص من التصرّف من خلال أهواء و أخطاء و سطحية المنظار الشخصي و الدنيوي. بشرية آن لها أن تُحَكِّم العقل ليكون قائماً على الحقيقة.

لذا فإنّ الإسلام أبعد ما يكون عن الأساليب الاستعراضية التي تستأثر بالمشاعر و تبهر النفوس على حساب تخدير العقول.


الإحسان في تدبر القرآن - ص55

بذلك، فإن منهج القرآن و الإسلام يقومان على السمو بالنفس و العقل إلى النور الحق.

أي إلى أقصى مستوى ممكن من الصفاء و الرقيّ في النفس، و الوعي في الرؤية و الموقف و العمل.

الهدف النهائي لذلك السمو هو الوصول إلى المستوى اللائق بلقاءِ الله العزيز الحميد البر الرحيم في سلام و رضا السعادة الأبدية.

﴿ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
المائدة : [ 119/05 ]

﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾
يس: [ 58/36 ]

فلا إسلام حقاً إلا بعملٍ متواصل للسمو بالنفس و العقل.


الإحسان في تدبر القرآن - ص56

القرآن و الإسلام دعوة متواصلة للازدياد في العلم، و ذلك لبلوغ وضوح تام في الرؤية و وعيٍ عالٍ للحقيقة:

أولها، انتماء النفس البشرية إلى عالم لا مادي، و أنَّ وجودها على الأرض ما هو إلا عبور في عالم مادي لاختبار القناعات و لتجسيد الاستعدادات.


الإحسان في تدبر القرآن - ص71

فالقرآن ليس قصةً أو روايةً أو بحثاً علمياً يُقرأ مرة واحدةً كافيةً متسلسلةً من أوله إلى آخره. بل، مجالاً روحانياً مقدساً تتكشَّف و تتَّسع آفاقه في كل عودةِ تدبرٍ له. ليدرك الذي رأى تلك الآفاق النورانية الشاسعة أنه حقاً و بلا مغالاة و لا مبالغة: ﴿ وَ لَوْ انَّمَا فِي الْارْضِ مِنْ شَجَرَةٍ اقْلَمٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ ابْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمتُ اللَّهِ انَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  [لقمان]. و لتمنى لو أنه يعيش الدهر كله ليتسنى له العودة إليه المرة بعد المرة ليستزيد من فضله و نوره.


الإحسان في تدبر القرآن - ص255

الأول و الآخر الذي أحاط بكل شيء علماً سبحانه، و الذي أنزل القرآن الكريم، أعلم بالألوف المؤلفة التي ستقرؤه من وقت التنزيل إلى آخر الزمان، و باختلاف ثقافاتها و قناعاتها و عقلياتها و ملكاتها!

ما أعظم التباين فيما بين حاجات و تساؤلات و أحوال كل من يقرؤون القرآن.

و ما أعظم التباين بين جاهزية من يقرأ القرآن و بين ما تتطلبه تلك القراءة.

لذا فقد صاغ سبحانه كتابه بتلك الطريقة الفريدة التي تتماشى مع تبايُن أنماط قارئيه، و مع تباين جاهزيتهم.


الإحسان في تدبر القرآن - ص328

في ذاك البحث عما هو روحي حقيقي و أصيل، يكون المرء مسعوداً، إن وجد نفسه، أخيراً، أمام القرآن الكريم.

فيجد في الفاتحة و في أوائل البقرة، عن الله الرحمن الرحيم جل جلاله، و عن الهداية، و عن الآخرة، ما يروي تعطشه إلى ما هو روحي.


الإحسان في تدبر القرآن - ص367

بانتشار الإسلام، و بالقفزة العلمية النوعية الشاهقة التي صاحبته، بدأ عصر جديد في تاريخ البشرية لا سابق ولا شبيه له.

فقد كان للعلوم الإسلامية دور أساسي في تطوير الملاحة بحيث ارتبطت القارات ببعضها و انفتح العالم كله على بعضه و بشكل متسارع لا عودة له إلى حال الدنيا قبل البعثة.

ألا يكفي ذلك دليلاً للمتفكر على حقيقة القرآن و الإسلام و خاتم النبيين؟


الإحسان في تدبر القرآن - ص430

عندما يرد اسم من الأسماء الحسنى في القرآن الكريم، فإن ذاك الاسم هو الأصل الذي يدور حوله معنى الآيات التي تحويه. و هو كذلك بيت القصيد من الشاهد الذي يرد فيه.

ذاك الاسم تتويج للآيات الكريمة التي تحيط به، و التي ما هي في حقيقتها إلا توضيح له. ما أجهل و أخسر الذي لا يقف عند الاسم في التفسير و يعتبره تذييلاً للآية و ما أشنع قوله.

هل نستطيع إذاً الخوض في القرآن، جاهلين أو متجاهلين أهمية و أولوية فهم أسمائه سبحانه لفهم آياته و رسالته؟

 

القرآن عالم شاسع، أبواب كنوز عظمته مفاتيحها من نور أسماء الله.

من عرف الأخذ بها و سار بنورها دخل. ومن استهان بها بقي على أطراف أسوارها مع الغثاء.


الإحسان في تدبر القرآن - ص454
كتاب الإحسان في تدبر القرآن




يمكنكم تحميل الكتاب بصيغة ملف PDF من خلال الرابط التالي
«الإحسان في تدبر القرآن»

أو يمكنكم تصفح الكتاب كاملا من خلال الرابط التالي
«   الإحسان في تدبر القرآن  »

في مجال المعرفة المركزي

كتاب جديد من نوعه يركز على الوفق المثلث وعلاقته بالصلاة، ويبين بشكل هندسي ورقمي أهمية الصلاة كركن من أركان الإسلام وكيف بنيت بشكل منضبط، وأن كل حركة فيها وكل تفصيلة لها أسسها وضوابطها التي تسير مع نظام كوني أوجده خالق السموات والأرض سبحانه. ويعتبر الكتاب رسالة مختزلة للتركيز على تراث يخص الهندسة المقدّسة كاد أن يندثر و ذي علاقة وثيقة بعلم الرقم و كذلك بما في الصلاة من علوم، وهي معلومات ضرورية لتناول صحيح ودراسة دقيقة للصلاة.

المبدأ الأساسي في الإسلام هو الوحدانية. يعلمُ المسلمون أنّ الحقيقة واحدة.
الحقيقة تتجلى بطرق مختلفة وعلى مستوياتٍ مختلفة. الحقيقة متجلية لدى المسلمين بأشكال مختلفة و ذلك في مصادر الوحي التي حافظوا عليها نقيّة بلا تغيير. إنهم يستطيعون بالقياس فهم أيّ تجلٍّ للحقيقة فهماً عميقاً و صحيحاً و دقيقاً.

إن قراءة صحيحة و ذكية للقرآن و الحديث باللغة العربية تُثبت أنّ التراث الإسلامي هو استمرار و تطهير و إكمال لجميع ما سبقه من التراث الكوني:

على الأقل 17 مرة في اليوم و في الصلوات الخمس يسألُ المسلمون الله جل جلاله في الفاتحة:

 ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ • صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ... أي ممّن سبقنا من أمم سارت على طريق الحقيقة.

تبدأ أول سورة طويلة في القرآن بقوله تعالى:

 ﴿ الم • ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ • الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ • وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ البقرة : [1/02-4].

وهو دليل آخر على ارتباط المسلمين بمن سبقهم ممّن تلقوا نفحات من الحقيقة وعلى أنّ الإسلام هو استمرار لطريق أهل الحقيقة.


في مجال المعرفة المركزي ص25

المعرفة الحقّ هي أسئلة و أجوبة تساعدنا على تحويل أنفسنا. يقتضي التحوّل مفهوم القبلية و البعدية، لذا نحن في هذا العالم، عالم الزمان و المكان.

... ينبغي على كلّ أحدٍ في خطواته الأولى على طريقه نحو دائرة المعرفة المركزية، أنْ يكونَ قد تأمل واعتبرَ من قصص سيدنا آدم ــ إبليس، ابني آدم، يوسف وإخوته كما طُرحَتْ في القرآن الكريم.

إنّ فهم و إدراك و استيعاب الفكرة الأساسية في هذه القصص، خطوة من الخطوات التي لا غنى عنها في الطريق نحو المعرفة.


في مجال المعرفة المركزي ص105

الصلاة هي الرسالة الإلهية التي حملها لنا النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء، وهي رسالة مباشرة أوحاها سبحانه للنبي مخاطباً إياه:
«يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً».

. أما بقية الفروض فمن سيدنا جبريل عن الله سبحانه

في سورة الإسراء يفتتح جل جلاله السورة:

 ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أي ممّن سبقنا من أمم ومن هذه الآيات الصلاة.

الصلاة فيها كم من المعلومات هائل يفوق التصور و لا حدود له، يمكن رؤية جانباً منه من خلال الهندسة المقدسة ثنائية الأبعاد و المبنية على أسس رقمية و مجموعة من القواعد الأولية و الأساسية و الكبرى و التي هي على انسجام تام مع غاية و رمزية الوفق المثلث.


في مجال المعرفة المركزي ص123

الشكل (5A1) الصلاة من أركان الإسلام الـ 5، توجد:
5 صلوات مفروضة يومياً:
2 صلاة في ضوء الشمس:
1 صلاة و هي صلاة الظهر (التي يبدأ وقتها في منتصف النهار)
1 صلاة وهي صلاة العصر (التي ينتهي وقتها في آخر النهار).
3 صلاة في غياب الشمس:
تلك الـ 3 هي:1 و 2.
1 صلاة وهي صلاة العشاء وتشترك مع صلاة الظهر والعصر بركعاتها الـ4؛ لذا كانت صلاة العشاء على نفس السطر الذي توجد عليه الـ 1 الأخريين ظهر– عصر ولم تكن معهم لأنها ليلية و منها ما هو جهري.
2 صلاة هي المغرب و الفجر.
وكما هو جلي في الشكل (5-A2)


في مجال المعرفة المركزي ص124

الطواف حول الكعبة يعطي تأكيداً آخر كما في الشكل التالي:


لنبدأ الطواف ولنترك عند بداية كل ركن من أركان الكعبة ركعة واحدة.

عند بداية الشوط الـ 5 نجد أن مجموع الركعات على أركان الكعبة هو 17 موزعة كالتالي:

ركعات على ركن الحجر الأسود و 4 ركعات لكل من الأركان الباقية.
هذه الـ 5 ركعات على ركن الحجر الأسود هي 2 و 3
2 صلاة الصبح ( كما ذكر سابقا التشابه بينها) و
3 صلاة المغرب و
4 ركعات للأركان الباقية هي الظهر و العصر و العشاء
وليكون الظهر و العصر من جهة (صلاة في ضوء الشمس)
والعشاء من جهة المغرب والصبح (صلاة في غياب الشمس)


في مجال المعرفة المركزي ص136

تميز هذا الكتاب بنمط خاص لم نعهد به من قبل؟

فقد بين الكاتب بشكل هندسي و رقمي أهمية الصلاة كركن من أركان الإسلام وكيف بنيت بشكل منضبط وأن كل حركة فيها وكل تفصيلة لها أسسها و ضوابطها التي تسير مع نظام كوني أوجده خالق السموات و الأرض سبحانه.

المسلمون عموماً يقيمون الصلاة لأنها عبادة و قربة إلى الله سبحانه، مسلمين بالأمر لأنها مفروضة.

فما أجمل أن يزيد الإيمان بالتعرف على هذه العبادة أكثر و ليجد القارئ في هذا الكتاب الإجابة عن الأسئلة التي قد تراود المؤمن من حكمته سبحانه في كيفية الصلاة و رمزيتها وهو رسالة لكل من يبحث عن طريق حقيقي يوصله إلى الله سبحانه.


في مجال المعرفة المركزي - مقدمة الناشر ص175
كتاب في مجال المعرفة المركزي




يمكنكم تحميل الكتاب بصيغة ملف PDF من خلال الرابط التالي
«في مجال المعرفة المركزي»

أو يمكنكم تصفح الكتاب كاملا من خلال الرابط التالي
«  في مجال المعرفة المركزي  »

مقدمة كتاب سليمان سامي الجوخدار خواطر وأفكار

هنا كتاب " أفكار من سليمان سامي الجوخدار" ، وهي مجموعة واسعة من المواضيع ذات الصلة بالأسس والمبادئ التي أرادها سليمان لكل منا.
لقد أراد سليمان أن تكون لكل منا رؤية مستقلة وبعيدة عن الآراء الجاهزة والأحكام المسبقة، وأن يكون لدينا معايير التطوير والتمييز الخاصة بنا، وكل ذلك من خلال ثقافة فكرية رفيعة المستوى، وأفكارًا مبتكرة لا تزال أسسها متأصلة في الإسلام الحقيقي، وهذا ما سوف نجده في هذا الكتاب.

طريق الملائكة عليهم السلام

الله سبحانه مَنَّ علينا في كتابه الكريم وسُنَّة نبيّه عليه الصلاة والسلام بكنوز من المعلومات لنا نحن البشر عن العالم الخفي وغير المرئي، وهي مهملة إهمالاً تاماً من قِبَلِ كثير من الناس؛ بل وهناك فجوة في التربية الإسلامية حولها؛ ومنها: مسألة الملائكة الكرام عليهم السلام والعلاقة معهم، فهي تغيب عن أذهان الناس جذرياً وليست جزءًا من معادلات تفكيرهم؛ لأن المفهوم السائد عن الملائكة ــ وبأحسن أحواله ــ يأخذ طابعاً محدوداً جداً غير متطور، وليس هناك تركيز عليه؛ بل وأصبح مفهوم الملائكة كأنه خيال وليس واقع وحقيقة.

أما مَنْ ينظر من منظار الحقيقة ليفهم الأمور لا بدًّ له من إدخال الملائكة في حساباته، فهُمْ شيء أساسي في كل ما حولنا، وكل شيء موكَّل فيه ملائكة عليهم السلام، ولهم وجود وحضور في حياة الإنسان، وذلك بترتيب إلهي، والأمر كله أولاً وأخيراً يعود إليه سبحانه.

وقد بدأت العلاقة وثيقة بين الإنسان والملائكة قَبْلَ خلق آدم عليه السلام حين أخبر سبحانه ملائكته : ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً.

وكان جواب الملائكة:  ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا البقرة : [30/02] .

ثم عند خلق آدم أمر سبحانه الملائكةَ أن يسجدوا لآدم.

وعند خلق الإنسان هناك ملائكة موكلة فيه أيضاً؛ فإن النطفة تقع بيد الملك ويسأل ربه سبحانه: هل هي مخلقة أم غير مخلقة؟.

وتستمر المسألة إلى نفخ الروح، ثم الولادة وعلاقة وثيقة مع الإنسان؛ فقد وَكَّل سبحانه ملائكة يحفظونه طوال حياته  ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الرعد : [11/13]  (أي: بأمر الله).

وعند الموت، ثم في القبر سؤال الملائكة، وتستمر إلى يوم القيامة  ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ق : [21/50] .

ثم في الجنة  ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ الزمر : [73/39]  .

بل حتى وفي النار  ﴿ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ التحريم : [06/66]  .

والملائكة الكرام لهم مهام، وهم موكلون دائماً بأمر من الله سبحانه بكلِّ شيء. فهناك مَلَكٌ للجبال والسحاب، وهناك ملائكة للقرآن الكريم موكَّلة بالسُّور وبالأحرف، وملائكة ترفع الأعمال في يومي الاثنين والخميس،... وغيرهم مما لا يحصى في حياة الإنسان وما حوله من الأرض حتى السموات وتصل إلى حملة العرش عليهم السلام، مما حمل كثير من الكُتَّاب والعلماء إلى إفراد مصنفات وكتب عما جاء في الكتاب والسنة من آيات وأحاديث عنهم.

فهم عليهم السلام مخلوقون من النور؛ والنور غير الضوء، النور: لا مادي وهو بشكل متواصل مرتبط بالعلم  ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... والهداية .

 ﴿ ... نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ ... النور : [35/24] ؛ وبالتالي الهداية مرتبطة بالنور.

ولكي نعي حقيقة الملائكة الكرام لا بد أن نتجرد عن أنفسنا، وألَّا نسقط عليهم أحوال البشر، حالنا نحن البشر يختلف جذرياً عن حالهم عليهم السلام، ليس عندهم ولادة وطفولة، أو شباب وشيخوخة، هم مختلفون؛ لذا لا ينطبق عليهم أحوال البشر.

فهُم عليهم السلام جديّون وتبعيتهم لله سبحانه مطلقة، رضا الله رضاهم والعكس من ذلك، لا يفهمون المزاح ولا يتذوقونه، ولا يحبون الكلام الذي لا معنى له، والكلمة عندهم لها وزنها، حتى نبرة الصوت لها دورها الأساسي معهم، وحين لا يكون ما يليق بهم ينصرفون ويحضرون عند ذكر الله سبحانه.

لا يحبون من ينظر إليهم ويهتم بهم بل يحبون من يهتم بالله سبحانه، عندهم ذكاء خارق يفوق التصور ولا يمكن أن نقارنه بما عند البشر، ولا يوجد حدود لفهمهم وأي معلومات مهما كانت عالية يفهمونها بسرعة الضوء.

وهم عليهم السلام أنماط مدربون ألَّا يتأثروا بشيءٍ، ولا يرون شيئاً إلا من خلال تجليات الإرادة الإلهية.

يتعلمون ويزدادون علماً بشكل متواصل، وكلما ازدادوا علماً كلما زاد وعيهم لله سبحانه.

أول من تعلم القرآن هم الملائكة  ﴿ الرَّحْمَٰنُ • عَلَّمَ الْقُرْآنَ [سورة الرحمن] ولو لم يكن الرحمن الذي علم القرآن لكانت الملائكة عند إساءة الأدب مع القرآن الكريم تقع كارثة، لكنه سبحانه بالرحمن علم القرآن ونفهم استغفار حملة العرش:  ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ غافر : [07/40]  .

وبالإجمال: الملائكة موكلون بكل شيءٍ، وبأسرار الصلاة تحضر الملائكة:  ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ... آل عمران : [39/03] .

جاءت الملائكة عند الصلاة :

والطريق المختصر هو طريق الملائكة عليهم السلام، والصلاة هي الطريق المختصر لحضورهم.

عبور الحياة الدنيا

عبور الحياة الدنيا وما يترتب عليها من تحول وتغير بشكل متواصل من أساسيات القرآن الكريم وذلك لمخالفة صفات أساسية من صفات الله فهو الكمال المطلق الذي لا يتبدل ولا يتغير وليس كمثله شيء سبحانه وتعالى جل وعلا.

أما الحياة الدنيا وبكل أشكالها فهي دار عبور وتحول والإنسان فيها قال عنه تعالى:

 ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ
ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ
ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ
ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا
ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ
ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا
وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ
وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
غافر : [67/40] 

عبور الحياة الدنيا لا بدَّ وأن يكون معه تحوُّل من مخلوق في الرحم، ثم طفل إلى شباب وشيخوخة، ثم خروج إلى عالم الحقيقة الأبدية.

وهذا يشمل نفس الإنسان وجسده وكل مكوناته؛ بل وكل الخلائق على هذه الأرض لها إيقاع بداية ونهاية، وبينهما تحول لما شاءه سبحانه وتعالى لها.

قناعة الإنسان إن بُنيت على أن الحياة الدنيا هي دار عبور عندها يكون حاله ورؤيته لأي حدث يحدث معه أنه حدث عابر، ويعلم تمام العلم أن إلى الله مآله وعودته قائلاً:  ﴿ ... إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ البقرة : [156/02] 

والنتيجة أنه تعالى يتولى أمر هذا الإنسان:

 ﴿ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ... فصلت : [31/41] 

عندما يكون عبور الحياة الدنيا والانتماء إلى العالم الآخر جزءاً أساسياً من قناعة الإنسان، وقد وظف ذلك وبشكل ملموس، جاعلاً منه معياراً لتفكيره ومنظاراً دائماً له في جزئيات حياته اليومية، وكل ما يراه عندها يكون إيمانه في أعلى مستوى.

عبور الحياة الدنيا وما يترتب عليه من تحول وتغير دائم للإنسان ليس شيء نظري ولا حادث عابر؛ بل هو خاصية جعلها الله سبحانه في كل الخلائق؛ لذا كان هذا العبور له أسبابه ونظامه وضوابطه التي تجعل منه تحولاً صحيحاً، وجعل سبحانه أداة فعالة لهذا التحول الصحيح هي الصلاة؛ والتي بدورها تُحوِّل المؤمن بشكل إيجابي وملموس إلى إعادة جدولة وتنظيم وصياغة حياته برمتها، هذا التنظيم بحاجة إلى مرجع، والمرجع المطلق هو الصلاة.

كل الكائنات على هذه الأرض في تحوُّل دائم، والخلق كلهم بتغيّر وتبّدل؛ لذا كل منهم كان له صلاته وتسبيحه كما قال تعالى:

 ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ النور : [31/24] 

حتى الملائكة تتطور وتتحسن بوعيهم الدائم لله من خلال ذكرهم وتسبيحهم له سبحانه وتعالى.

الصلاة: هي حركات وأذكار ضمن أوقات معينة مرتبطة بحركة كونية محددة، وميزة الصلاة الصحيحة أنها لا تتم إلا بوقوف مع قراءة القرآن، وحركات مع ذِكرٍ معيّن مخصوص.

وكما أن ذرات أي مادة يمكن إعادة تنظيمها بعدة أشكال من خلال طاقة مناسبة، كذلك تحوّل الإنسان يحتاج إلى تنظيم ومرجع مطلق وفعال ضمن برنامج خاص، ليس روحياً فحسب؛ بل يشمل كل أجزاء جسده ونفسه.

تسارع الزمان وكثرة الملوثات الروحية تختلف كثيراً عمّا سبق، ونفس الإنسان لا بدَّ لها من طاقة إيجابية، ليكون تحوّلها نحو السموِّ والرفعة، ولتمام هذا السمو كانت قراءة القرآن والذكر ضمن نظام الصلاة هو خير طاقة لنفس تسموا؛ لتكون مطمئنة راضية ومرضية.

 ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ • ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً الفجر : [27/89-28] 

القرآن شامل ونهائي ولا بدَّ منه لكل صلاة، والعبادات في الإسلام فعَّالة ولا غنى عنها لعبور وتحوّل هذا العالم المرتبط بالزمان المتسرع والمكان المتغير، وعندما يعي الإنسان مفهوم التحوّل والعبور تصبح الصلاة وما فيها من أسرار ذات معنى أوسع وأشمل، وتنقل الإنسان إلى عالم الحقيقة الأبدية، وتشعره بعدم انتماءه إلى عالم العبور والتحوّل على أرض، قال عنها سبحانه:

 ﴿ ... وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ البقرة : [36/02] 

هذه الصلاة تبدأ من دائرة صغيرة لإنسان يقف وحده في صلاته، باحثاً عن سموِّ ورفعة نفسه، ولتلتقي مع دوائر لنفس أخرى تسمو وتطلب الشيء نفسه، ثم تلتقي بأخرى وهكذا لتجتمع مع دائرة أوسع وأشمل دائرة النفس الواحدة  ﴿ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ... الزمر : [06/39] 

وهذا ما يفسر أهمية صلاة الجماعة، والأهم الصلاة التي لا تصح إلا مع الجماعة صلاة الجمعة.

وبالتالي: الصلاة الجماعية فرصة لتجتمع أنفس المصلين في نفس واحدة، وترتقي سوية لأخذ طاقة إيجابية وتحول نحو رفعة وتسامي صلاة تبدأ بـ:  ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ وتختم بذكر لله سبحانه ضمن نظام لمصلين مجتمعين صادقين يتوجهون بصدق للخالق جل وعلا بقولهم: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ) وكم في تلك التحية من خير لتجتمع هذه الأنفس سوية نحو طاقة سموٍ ورفعةٍ وتكون مطمئنة راضية ومرضية وليعم خيرها بدائرة أوسع تصل إلى بشرية أوجدها سبحانه أصلاً من نفس واحدة.

صلاة الجماعة هي المجال الأمثل لتغذية أفكار هدفها محدد، حيث من خلالها يمكن تغذية أفكار فيها كل الخير للآخرين؛ لأن أنفس المصلين عندما تجتمع في نفس واحدة و زمان ومكان مخصص وهدف محدد، يكون فيها من القوة والأثر ما يكفي لتصل إلى أبعد وأوسع دوائر البشرية، وكم يكسب المؤمن إن ركَّز، وكمّ هو أكثر قوة وفعالية إن كان ضمن مجموعة تتوجه بصدق وتركيز على الفكرة نفسها والهدف نفسه، عندما تتوجه لله سبحانه طالبة لها ولغيرها أن يكون عبورها وتحوّلها في هذا العالم ضمن ومن خلال الطريق الذي أنعم الله به على عباده:

 ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ • غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [الفاتحة]

العبرة في الوعي و الإشكال في الغفلة

يوم القيامة يعطي معنىً لكلِّ حَدَثٍ في حياتنا الدنيا، و يأخذ هذا الحدث معناه ويكتمل في ذلك اليوم؛ حيث يصل الإنسان فيه إلى مرحلة عالية من الوعي؛ ليفهم هناك الأمور على حقيقتها.

يوم القيامة هو ذروة وعي الإنسان حيث يبعث مباشرة بلحظة واحدة بكامل وعيه، دون المرور بالولادة والطفولة، ثم الشباب والشيخوخة، كما هو الحال في الحياة الدنيا.

ولا يكتمل أي حدث يحدث مع الإنسان في هذه الدنيا إلا هناك؛ حيث يعي ويفهم تماماً العبرة منه.

سبحانه القادر المقتدر الذي خلق الكون في ستة أيام جعل يوم القيامة يوماً واحداً، وهذا للتأمل؛ وهي فلسفة عليا.

يوم الحساب يعلم الإنسان لماذا تتلاشى كل الخلائق وتنتهي ثم تعود ثانية، ولماذا انتهى كل شيء ليعود من جديد، وحكمته سبحانه من الإيجاد والعدم؟

 ﴿ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ الروم : [ 11/30 ] 

الوعي هو علم لذا أهم شيء في الحياة الدنيا: أن يكون الإنسان واعياً؛ لأن الوعي هو شرط التكليف أي الحساب يوم القيامة، وكل عاقل مكلف مثل الإنس والجن. أما الذي يفقد وعيه يسقط تكليفه ولا يحاسب.

قال تعالى :  ﴿ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ الحاقة : [ 12/69 ] 

المهم أن نعي هنا في حياتنا الدنيا يوم الوعيد قبل فوات الأوان، ونتحرر من الغفلة التي نعيشها قال تعالى:

 ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ • وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ • لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ق : [ 20/50-22 ] 

المجردات والأمور الحسية

أي فكرة مجردة يحاول الإنسان التعبير عنها بأشكال هندسية ورقمية، والتجرد والمجردات فكرياً أرقى بكثير من الأمور الحسية؛ لأن العقل البشري هو الوحيد بين كل الكائنات الذي يفهم شكلاً مجرداً، ومثالها أشكال الخطوط لوجه (الكاريكاتير مثلاً) لا يمكن إلا لإنسان عاقل أن يعرف صاحب هذا الوجه، بينما الوجه ذاته إن كان صورة ثلاثية الأبعاد يمكن أن يتعرف عليه كائن غير بشري.

الإسلام ذروة تقدم الفكر البشري وهو المستوى الأخير للحضارة البشرية، وذلك من خلال المجردات وهي السمة الأساسية فيه.

الإسلام هو دين يرفع الفكر باتجاه المجردات، ومسألة التجرد مسألة مركزية فيه؛ لأن محور هذا الدين هو الذات الإلهية، وهي أقصى ما يمكن أن تسموا إليه النفس البشرية من التجرد؛ ذلك لأن الذات الإلهية هي الفكرة المركزية التي يقوم عليها الإسلام، ولا يمكن التعبير عنها بأي شكل بياني أو رمزي، ومفهوم الذات الإلهية في الإسلام هو أقصى ما يمكن للعقل البشري أن ينظر إليه بالتجرد دون تجسيده بصورة أو شكل ما، ولا يمكن التعبير عن هذه الفكرة بأي شيء كائناً ما كان.

وترى المسلمين جميعهم يتوجهون إلى الله سبحانه بتجرد تام وإيمان عميق بأنه سبحانه :

 ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ • هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الحشر : [ 23/59-24 ] 

البحث عن بيت القصيد

من المميِّزِ للإسلام ــ والقرآن الكريم خاصة ــ هو تسليط الأضواء على المركزي وليس على التفاصيل الجزئية.

عموماً كل التفاصيل تشترك بأنها لا تحتاج إلى عمل دماغي، ويمكن التعبير عنها بشكل بسيط؛ وهي ما يبحث عنه العامّة من المسلمين.

بينما البحث عن الجوهر وعن روح الإسلام يتطلب قدرة على المقارنة والاستنتاج؛ وبالتالي يصعب ذلك على العامة.

البحث عن الجوهر أساسي لتطبيق الإسلام، وهذا أولاً، ثم لحسن تقديم الإسلام علينا أن نقدم الإسلام من خلال الجوهر وهذا ثانياً، أما تقديم الإسلام من خلال التفاصيل فهو عدم أمانة فكرية، وليس تقديم للإسلام بل إساءة له.

والقدوة هو سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم كان إن سأله أحدهم عن الإسلام أعطاه الجوهر وليس التفاصيل.

مثلاً: فكرة الذنب يمكن تقديمها على أن كرامة الإنسان في الإسلام هي شيء أساسي والذنوب في نهايتها، تشترك بعامل واحد هو الذل.

وعلى المدى البعيد كل شيء ينافي كرامة الإنسان محرَّم وينافي عزة وكرامة الإنسان؛ بالتالي حين يفهم الإنسان ذلك يطبق تعاليم الإسلام على أنها عزَّة ورفعة، لا على أنها أوامر تأسره وتعرقل حياته.

والإنسان في الإسلام عزيز فكيف يدخل مادة خسيسة تسيء إلى صحته على جسم عزيز خلقه سبحانه وكرمه على جميع المخلوقات.

إن عرفنا جوهر الإسلام أصبح لدينا معيار مطلق لكل الأمور، وليس هناك شيء غير واضح؛ لذا كانت أسئلة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أسئلة جوهرية أساسية وليس تفصيلية وعندهم معيار، وأصل يقيسون عليه وكان همهم دائماً الوصول إلى الجوهر و بيت القصيد.

كتاب سليمان سامي الجوخدار خواطر وأفكار




يمكنكم تحميل الكتاب بصيغة ملف PDF من خلال الرابط التالي
«كتاب سليمان سامي الجوخدار خواطر وأفكار »

أو يمكنكم تصفح الكتاب كاملا من خلال الرابط التالي
«  كتاب سليمان سامي الجوخدار خواطر وأفكار   »