السيرة الذاتية


الشيخ محمد بن سليمان بن محمد الجوخدار 1217-1297 (1802-1879م)

من مشاهير وأكابر علماء بلاد الشام

عين نائباً في محكمة الباب 1278 (1863م) ثم نقل إلى محكمة السنانية، وعاد إلى النيابة في محكمة الباب عام 1290 (1873م) وظل فيها حتى توفي.

سنده إلى الإمام البخاري متصل حيث أخذ وحدث عن الإمام البخاري بالسند كما جاء في كتاب حمل الفضل المبين على عقد الجوهر الثمين وهو شرح الأربعين العجلونية تأليف الشيخ محمد جمال الدين القاسمي الدمشقي وتقديم وتحقيق عاصم بهجة البيطار دار النفائس.

سند الشيخ محمد الجوخدار إلى البخاري: حيث يروي محمد الجوخدار عن محمد سعيد الحلبي، وعبد الرحمن الكزبري، وحامد العطار، وعبد الرحمن الطيبي، وعبد اللطيف أفندي فتح الله، وجميعهم يروون عن أحمد العطار، عن المصنف إسماعيل العجلوني عن محمد بن أحمد عقيلة بسنده إلى الفربري عن البخاري رحمهم الله جميعا.

ولد في دمشق الشام وتوفي فيها ودفن في الباب الصغير.

الشيخ سليمان الجوخدار

من مواليد دمشق عام 1284 هـ / 1863 م   وهو ابن الشيخ محمد الجوخدار

درس العلوم العربية و الفقهية وما يتبعها على والده قاضي الشام وعالمها ثم على علماء أجلاء متخصصين و أجيز في العلوم المتداولة بين المسلمين كما أتم دراسته في المحكمة الشرعية والعلوم الأخرى المدنية والقانونية بالتتابع والدراسة الشخصية.

عين في القضاء سنة 1308هـ وتدرج في مراتبه الشرعية و النظامية.

انتخب نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان في عام 1325 هـ

عين مفتياً عاماً في دمشق عام 1328 هـ

عين قاضياً للمدينة المنورة مع رتبة الحرمين الشريفين عام 1329 هـ

عين عضواً في محكمة التمييز العليا ومن ثم أصبح رئيساً لها كما كان مدرساً للقانون في معهد الحقوق بدمشق لمدة عشر سنوات.

تقلد وزارة العدلية في الجمهورية السورية عام 1933 م وذلك في عهد الرئيس محمد علي العابد ومن ثم أحيل بعدها على التقاعد فمارس مهنة المحاماة.

نال الوسام الرابع والسادس المجيدي ونال وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى.

في عام 1915 كان له الفضل في إنقاذ مئات الأرمن من الفتنة التي أوقعت بهم في الإمبراطوريّة العثمانيّة وكاد أن يدفع حياته ثمنا لذلك وهناك شارع في إسطنبول يحمل اسمه، وهناك شارع في دمشق يحمل اسمه أيضاً.

له مؤلفات الدروس التي ألقاها في معهد الحقوق العربي بدمشق

توفي في 23 جمادى الأولى 1377

16 كانون الأول 1957 ودفن في دمشق

الدكتور إحسان الله الجوخدار

ولد في دمشق عام 1914 وهو ابن الوزير والنائب والمفتي والقاضي وعضو محكمة التمييز الشيخ سليمان الجوخدار

حصل على إجازة في الحقوق من الجامعة السورية ودكتورا دولة في الحقوق من جامعة السوريون في باريس كما يحمل شهادة دراسات عليا في الاقتصاد السياسي.

عمل في سوريا مفتشاً مالياً في وزارة المالية ثم مديراً للعمل في وزارة الاقتصاد الوطني

وفي عام 1949 عين مديراً عاماً للعمل و الشؤون الاجتماعية ومن ثم مراسلاً لمكتب العمل الدولي.

مثل سوريا في العديد من المؤتمرات الدولية منها مؤتمر العمل الإقليمي الذي عقد في إسطنبول عام 1947 ومؤتمر العمل الدولي الذي عقد في جنيف عام 1949 وحلقات الدراسات الاجتماعية لدول الجامعة العربية الأولى التي عقدت في بيروت عام 1949 والقاهرة عام 1950 تمت إفادته إلى جنيف ممثلاً لسوريا في الدورة الـ34 لمؤتمر العمل الدولي الذي عقد في 6/6/1951

كان له الفضل في صياغة قوانين العمل لأكثر من اثنتي عشر دولة إفريقية وشرق أوسطية وللعديد من الدول العربية.

تقاعد موظفاً كبيراً في مؤسسة من مؤسسات التابعة للأمم المتحدة و المتخصصة في مجالات العمل و قوانينه.

له العديد من المؤلفات و الكتب منها كتاباً في الحقوق الإسلامية أصدره في باريس عام 1944

متزوج وله 3 أبناء وبنت

توفي في 27 تشرين الثاني 1987 ودفن في دمشق

الميلاد و النسب

لا يمكن أن نضع البحر في حفرة على شاطئه كذلك سيرة سليمان سامي الجوخدار لم يكن لأحد من معاصريه و في مثل عمره ذاك العلم و تلك المعرفة الشاسعة من علوم للحقيقة و علوم للشريعة و علوم كونية.

في بيت علم و فضل نشأ، ومن أب يحمل في دمائه نسب النبي صلى الله عليه وسلم و أم تحمل في دماءها أنبل عائلات أوروبا ولد سليمان سامي في دمشق الشام في الأسحار من يوم الخميس العشرين من كانون الأول عام ألف وتسعمائة وست وخمسين.

وعند مولده كان جده الشيخ سليمان الجوخدار بانتظاره وبين يديه لبث الأيام والساعات الطوال وهو يملي عليه من الدعاء و البركة ما لازمه طوال حياته.

وقبل رحيل جده إلى جوار ربه أوصى بعلمه و كتبه إلى حفيده الأصغر سليمان سامي علماً أن له أخوين يكبرانه بسبع سنين و أخت وحيدة تكبره بعشر سنين.

في هذه العائلة الدمشقية الأصيلة التي جمعت بين العلم و الفضل ولد وترعرع سليمان سامي، هذه العائلة التي بدأت مع الشيخ محمد الجوخدار والد الشيخ سليمان الجوخدار ذاك العالم الفاضل الذي ترك بيتاً له إلى جانب الجامع الأموي من أفخر وأكبر بيوتات دمشق ليمضى أربعين عاماً من عمره معتكفا في الجامع الأموي وهو الذي أخذ و حدث عن الإمام البخاري بالسند و كان قاضيا و مفتيا في بلاد الشام.

ثم خلفه من بعده ابنه الوحيد الشيخ سليمان الجوخدار والذي نال أعلى شهادة في القانون أيام زمانه وهو من أسس معهد الحقوق في دمشق و كان قاضيا للحرمين الشريفين ونال أعلى المناصب أيام الحكم العثماني.

ثم من بعده ابنه الوحيد إحسان الله الجوخدار والد سليمان سامي الذي نال مرتبة الدكتوراه الدولية من جامعة السوربون في فرنسا و كان من اللذين وضعوا قوانين لدول عربية عدة بعد نيل الاستقلال.



الطفولة و النشأة

مع أنّ سليمان سامي كان أصغر إخوته (فتاة وولدين)، إلّا أنّ والده وفي سنّ مبكّرة جدًّا لمس منه ذكاء نادراً وصل إلى حد العبقرية وهذا ما جعله يمارس وبشكل مفرط تمارين التركيز الذهني والذاكرة والعمليات الحسابية معه وذلك بهدف تطوير حَدْسِه وتأسيسه بمجالات المنطق وعلم الفلك والرياضيات. وقد عمل أيضا على تدريبه ليحقق مستوى متقدم في الجدل والتفكير النقدي .

ومن ناحية أخرى فقد أدرك والده أن ابنه سليمان سامي يملك حس مفرطاً للفن والجمال وله اهتمامه الشديد بعلم الآثار والفن وتاريخ الفن.

وفي السابعة من عمره لقب سليمان سامي بالمتحف المتنقل، و لم يكن يسعده شيء أكثر من قضاء ساعات بالتجول في المعارض والمتاحف بحثًا عن اللوحات والتحف المفضّلة لديه.

كذلك أثناء مرافقته لوالدَيْه في أسفارهما العديدة كان سليمان سامي يراقب ويُخَزّن كل شيء في ذاكرته من روائع اللوحات الفنيّة والمعالم المعماريّة والحرف اليدويّة وغيرها ومنذ ذالك الحين، لم يعد يفوته تحليل وتقييم ونقد أيّ عمل فني. كما أصبحت الموسيقى الكلاسيكيّة إحدى اهتماماته الأساسيّة وبقيت جزءًا لا يتجزّأ من تفكيره.

كذلك كان شغفه الشديد بتحصيل المعرفة بكل أشكالها من علوم الرياضيات والفلك وعلوم اللسانيات وغيرها.

ومنذ طفولته المبكرة أوتي معرفة وعلوماً هُيئْ لتلقّيها بطريقة مرهفة وفي الرابعة عشرة من عمره كانت عنده المفاتيح الأساسية لبعض علوم الخواص وبدأتُ خطواته الأولى بتحصيل معرفة تلقاها لسلوكه في الطريق إلى الله سبحانه بطرق و من مصادر مباشرة و غاية في الخصوصية.

وكانت تلك العلوم هي اهتمامه الأول وكانت شغله الشاغل و الأهم في حياته حيث عكف على دراسة وتسجيل علوم كادت أن تندثر، هذه العلوم هي في مجال المعرفة العليا للقرآن الكريم والتصوف الحقيقي وعلوم خاصة مثل علم الرقم والحرف وغيرها.



تحصيله العلمي

حصل سليمان سامي على شهاداته الجامعية في تاريخ الفن وعلم الآثار من جامعة السور بون في باريس ، وأصبح خبيراً في مجالات متنوعة مثل الهندسية و الفن الإسلامي، والعمارة الأيوبية وعصر النهضة.

ومنذ عام 1972 حتى عام 1985 أبدع سليمان سامي أكثر من 600 عمل فني من أعمال واقعية وفن الحبر والألوان المائية والباستيل واللوحات الرمزية والتجريدية وأعمالاً أحادية اللون أنيقة إلى أقصى حد.

وبذات الوقت تحصل لدى سليمان سامي معلومات نادرة لبعض علوم الخواص سجلها على آلاف من الصفحات بطريقة بصرية وغاية في الخصوصية.

ومن بداية عام 1980 بدأ يُطلع على هذه العلوم الخاصة عدداً من أساتذةِ الجامعات في بريطانيا و فرنسا و ألمانيا و الولايات المتحدة و مصر و لبنان و سورية، و كذلك عدداً من الشخصيات الدينية و الفكرية.



علمه ومعرفته

كان لإلمام سليمان سامي بعلوم الشريعة أولاً ثم الفن والفلك والرياضيات والهندسة وغيرها من علوم ومعارف الأثر الأكبر لإبداعه رؤية متميزة في كل مجالات الحياة وخاصة في مجال الفكر الصوفي والروحي الذي كان عمله الأول.

حيث ميز في عمله ودراسته إلى وضع معرفته ضمن مستويات ثلاث أولاها المعرفة المطروحة لكل من يبحث عن الحقيقة وهي للجميع، ثم المعرفة الخاصة لمن قطع أشواطاً في تحصيل المستوى الأولى وهي لمجموعة محددة، وأخيراً المعرفة في المستوى الثالث لمن تمكن من المستوى الأول والثاني وهي خاصة لمن أراد الخلافة في الأرض.

هذه المعرفة التي طرحها سليمان سامي هي عبارة عن تدرج في طلب العلم والمعرفة الحقيقة وهي ذات مصدر إلهي لذا اسماها المعرفة المقدَّسة وهي كذلك لأنها جاءت من خالق الوجود سبحانه وتعالى من خلال القرآن الكريم المنزَّه عن أيّ نقص أو عيب أو خلل.

المعرفة الحقيقية التي طرحها سليمان سامي لا غنى للعوام عنها ولا غنى عنها أبداً للخواص إذ بها تتحقق خلافة الإنسان على الأرض كما أردها خالق الأرض والإنسان سبحانه وتعالى.

وهي معرفة أساسها القرآن الكريم الذي فيه الأسس و القوانين و الضوابط المطلقة لسائر العلوم، وهو ما يبحث عنه أي طالب للعلم.

المعرفة التي طرحها سليمان سامي أساسها مصدر خارجيّ غير بشري هذا المصدر يُعلمُ الإنسان كيف يرى الأمور من منظار غير منظاره و الحال كذلك، فما أعظمَ قيمة هذا المصدر الذي جاءنا به القرآن الكريم.

وتبدأ المعرفة عند سليمان سامي بإعادة نظر باتجاهين تتجلى فيهما الحقيقة: إلى الخارج أي إلى الكون الذي يحيطُ بنا، و إلى الداخل أي إلى أنفسنا وإعادة النظر هذه تكمنُ في حقيقة أنَّ الإنسان لا يرى إلا ما يَعْلم. إذن، لا بدَّ من القرآن الكريم فهو مصدر خارج عن حدود الكون وبعيد كل البعد عن محدودية أنفسنا و أهوائنا.



حياته الخاصة - وفاته

لم يكن أحد يعرف أن سليمان سامي له من العلم والمعرفة ماله وما أعطاه الله سبحانه له لما كان عليه من تواضع وإنكار للذات.

فهو في بيته كما هو حال كل الناس قائم عليه بكل ما يحتاج وعلى أعلى مستوى وقد عهد أمه وقام على خدمتها أتم قيام حتى آخر حياتها.

وهو في عمله مع طلابه وأصدقائه وكل من حوله قلب يتسع للجميع والكل يضعون ثقتهم وخصوصياتهم عنده لما له من غيرية متميزة يجد صاحب أي حاجة عنده نصحاً وبعد نظر قل مثله مع تواضع وتجرد تام عن أية حاجة مادية.

ولم يمنعه مرض عضال ألم به منذ طفولته أن يكون عالة على أحد أو أن يتوانى عن أي عمل يستطيع القيام به.

والأهم من كل ذلك عمله الدءوب بالدعوة إلى الله والعمل من أجله سبحانه وتعالى، لذا كان بيته قبلة لكل باحث عن الحقيقة من كل أصقاع الأرض.

وكان لعلمه بالثقافة الغربية خصوصاً والعالمية عموماً وتمكنه من اللغة الفرنسية والإنكليزية الأثر الأكبر في هداية الكثيرين من الباحثين الصادقين عن الله سبحانه من غير الناطقين للعربية وهم الذين قصدوا بابه فوجدوا ضالتهم عنده.

وهكذا أمضى عمره علماً وعملاً ودعوة إلى الله سبحانه حتى آخر لحظة من حياته ورحل عن هذه الدنيا ليكون ضيفاً على جده الأكبر الشيخ محمد الجوخدار وإلى جانبه في مقبرة باب الصغير مع الراحة والطمأنينة وسكينة حياة برزخية في دمشق الشام يوم السبت الثامن من شهر آب لعام ألفان وخمسة عشر.

نبذة

الشيخ محمد ناظم الحقاني

ولد الشيخ محمد ناظم عادل الحقاني النقشبندي في لارنكا، قبرص في 26 شعبان 1340 هـ الواقع الثالث والعشرين من نيسان أو أبريل 1922 م

ونسبه من طرف والده يصل إلى عبد القادر الجيلاني، مؤسس الطريقة القادرية

ونسبه من طرف والدته يصل إلى جلال الدين الرومي.

الوفاة: ٧ مايو، ٢٠١٤، شمال نيقوسيا

نبذة

الشيخ محمد بن جعفر الطيب

ولد الشيخ محمد بن السيد جعفر الطيب في دمشق عام 1330 للهجرة 1912 للميلاد

درس في مدارس دمشق وأخذ عن علمائها

قرأ القرآن الكريم على الشيخ صبحي العطار القارئ والمدرس في مدرسة الإسعاف الخيري

وأحذ العلم على الشيخ شاكر الحمصي في الجامع الأموي في دمشق

وأجازه الشيخ صالح المفتي الآمدي بالطريقة الشاذلية والتي أخذها عن جده الشيخ محمد الطيب

توفي في دمشق يوم السبت الثامن من شهر كانون الثاني لعام 2011

أحد الكتاب والسياسيين كتب عن سليمان سامي

ليس مديحاً أن نقول أننا يجب أن نغتنم الفرصة وأن نلحق الأستاذ سليمان وإن كان لنا حظ عظيم فيجب أن نلحق به ليس في هذا المجال فحسب بل في كل المجالات فهو يرينا أنفسنا أننا لا شيء وهباء أمام الجوائح القادمة على الأمة والتي لا يردها إلا القرآن، لأن الجائحة التي تجتاحنا مثل (تسونامي) والأمور القادمة كقطع الليل المظلم 

عند اليهود هناك مجلس الحكماء السنهدرين وعندنا لا يوجد ذلك واقترح أن يكون الأستاذ سليمان هو رئيس الحكماء لأنه أوتي الحكمة وكان للنص الذي قرأته له بالنسبة لي تغيراً في حياتي خاصة في المقطع الذي يفسر قوله تعالى [لا يكلف الله نفساً إلا وسعها..]

وأقول صادقاً أنه ارتعدت أوصالي بعد فهم المعنى الذي أشار إليه إلى درجة لو أني أستطيع ألا أنام بعدها وأن أصل ليلي بنهاري عملاً وتقدماً لفعلت. وهناك في النص مئة موضع يحملك مسؤولية العمل والجد.

و أتساءل أخيراً هل هناك أناساً من حوله يستطيعون حمل حكمته؟

شيخ من بلاد الشام كتب عن سليمان سامي

المؤلف كما عرفته

عندما اجتمعت بالمؤلف الاستاذ سليمان الجوخدار في منزل أحد الأصدقاء لأول مرة، فوجئت بأنني أمام رجل غير عادي في غزارة علمه واتزان شخصيته.

وتكررت لقاءاتنا  على مدى خمس عشرة سنة، فتكاملت لدي صورة عن هذا الرجل العالم الورع سأحاول جهدي أن أنقلها إلى  القارئ...

أول ما يسترعي الانتباه في الاستاذ سليمان هو قدرته على الخوض في مواضيع شتى خوضَ المختص العارف ببواطن الأمور، فهو مؤرخ حافظ لتاريخ الممالك والعمران، والملل والنحل والأديان، لا يعجزه الكلام عن سيرة بلد أو أمة في الماضي أو الحاضر.. وهو ملم بأخبار المساجد والكنائس والقلاع، خبير في الآثار والديار، يعرف قيمة أية قطعة خلفها الأوائل.. وهو عالم غزير العلم بالرياضيات، والكيمياء والفيزياء. وهو فنان في الرسم والنحت والعمارة، على دراية بكل ما في هذه الفنون من أسرار.. وهو ضليع باللغتين الفرنسية والانكليزية، مما مهد لأن يسلم على يديه الكثير من الأوروبيين...

كل ذلك إضافة لمعارفه القرآنية الفريدة التي ستلمس أصالتها بنفسك أيها القارئ عندما تطالع هذا الكتاب.. ولعل منهجه في تفسير القرآن بالقرآن نفسه وبالحديث لم يطرقه إلا قلة من الناس، ولعل درايته في علمي الحرف والرقم لا يجاريه فيها أحد في العالم الاسلامي اليوم..

لكن ما يثلج الصدر أنه يوظف كل ما في حوزته من هذه العلوم على أنواعها لخدمة الاسلام والمسلمين، ولايبتغي منها أي نفع شخصي..  ما يثلج الصدر أنه أوتي صلة وثيقة مع الله تعالى مهدت له الإلمام بكل هذه المعارف، فمن هذه العلاقة يقتبس، وعلى الله فيها يتكل.

*     *

 ثم أن اسلوبه في الحديث يمتاز بالرصانة والهدوء، وقوة الوعي وترجيح العقل.. وهو آية في الاستدلال والحجة عند النقاش، غزير في أدائه للمعاني وربطها وتوليدها بعضها من بعض.. غني في لغته وبيانه، فتراه يحدثك الساعة والساعتين والثلاث ساعات دون أن ينضب له ريق، ودون أن يحتاج ليشير بيديه.. يحدثك كأنما يتكلم من حفظ متين، ولكن  كلامه يأتي في الحقيقة عفو الخاطر.

وكثيراً ما حاول مستمعوه إعادة حديثه دون أن يحفظوا ألفاظه، فعجزوا...

وقد تسمعه يشرح أحد المعاني من سورة من كتاب الله، فتفاجأ أن الشرح لم يطرأ سمعك قبل ذاك اليوم..

وقد يتراءى لك أنه يخالف في شرح بعض الآيات من سبقه من العلماء، لكنه يدعم تفسيره دائماً بأدلة عقلية وعلمية، ولم أعرف عنه أنه أنكر ما يقوله السلف من العلماء، لكنه كان يعدل ويضيف إلى تراثهم...

*     *

هذا هو سليمان باختصار : تقوى وورع (فهو دائم الذكر، دائم التسبيح لا يفتر لسانه عن أوراده).. زهد وتواضع، ايمان ويقين، علم وبحث، حجة وبرهان، خلـُق ووفاء، حب واخلاص للدين والأمة، للأصحاب والوطن.

 وهو إضافة لكل ذلك صاحب نكتة، يضحكك إذا شاء، ويأخذك إلى طريق الجد إذا شاء، يقصد في كل ذلك  النصح والاصلاح ووجه الله تعالى.

ولكم يؤلمه علم بلا عمل، وأشدّ من ذلك كم يؤلمه علم بلا وعي... كم يؤلمه علم يقوم على التقليد دون أن يكون لطالب العلم نظر فيما يقرأ ويقلـّد.. وقد سمعته مراراً يتعجب من أمر الذين يقرؤون القرآن و لا يفهمون مراده...

و لا بأس في أن أسرد بعضاً من أقوال المؤلف  ليتعرف القراء على شئ من أسلوبه وقناعاته:

  • الكفر والجهل مرتبطان
  • المعصية  مخالفة  النظام الإلهي
  • لا يجتمع الاسلام والغباء
  • ما فائدة العبادة إذا لم ينضم إليها أدب اللسان وحسن المعاملة؟
  • إن كنت تريد المستحيل فابذل المستحيل.
  • الذل والايمان لا يجتمعان
  • النصر في القرآن مقرون بالإيمان وليس بالاسلام
  • الشكر من العبد حسن توظيف النعمة، والشكر من الله حسن تدبير الخلق

مثل هذه الأقوال، وما أكثرها في كلامه، هي بنظري حكم بالغة، بل قوانين يمكن أن يدرج عليها..

*     *

وبعد، فمهما تكلمت عن الاستاذ سليمان لن أوفيه حقه، وقد كنت أتمنى لو تعرفت عليه وأنا شاب، حتى يزيد استيعابي وحفظي لما يقول..

ولا عجب أن يكون الاستاذ سليمان على ما هو عليه من المواهب والذكاء وحسن الخلق، فقد كان جده من العلماء والقضاة، وكان أبوه استاذاً ضليعاً في الحقوق، ورافقته عناية الله منذ طفولته..

وهذا مؤلفه بين يديك، لا أريد أن أصفه، فالكتاب هو الذي يصف نفسه.. فاقرأه باقبال، وفكر في معانيه بتمعن، فأنا أعلم أن المؤلف لم يكتب فيه كلمة حتى ناقشها، وأعاد النظر فيها، ثم اعتمدها..

لذا فهو مرجع وليس كتاب يقرأ لمرة واحدة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أحد المحبين كتب عن سليمان سامي

ليس لأحد أن يصف تماماً الأستاذ سليمان سامي الجوخدار إن لم يجتمع به ويأخذ عنه.

 ومن قدر له أن يجول في علمه يرى من خلال كتبه وأبحاثه والتي تناولت مختلف نواحي الحياة أنه أمام رجل علم حقيقي قل من أمثاله. ومثاله كتاب الإحسان في تدبر القرآن كتاب تميز عن كل ما سبقه أنه وضع الأسماء الحسنى في مكانها الصحيح بين علوم الشريعة الإسلامية وأغنى بحثها ومواضيعها من خلال استعماله سبحانه للاسم الشريف  في كتابه الكريم وذلك بالوقوف مع الأدب أمام كل اسم وعدم إدخال وإسقاط أفكار مسبقة وجاهزة والنظر بشكل موضوعي دقيق لما عناه سبحانه للاسم من خلال دراسة شاملة دقيقة لكل الآيات التي ورد فيها كل اسم من الأسماء الحسنى.

البحث عن المقصد الذي عناه سبحانه للأسماء الحسنى هو المنهج والأصل في هذه الدراسة .

أول مايجنيه  القارئ من هذه الدراسة جانب تصحيح العقيدة , إذ سيجد الإجابات على كل الأسئلة التي قد تراوده عن الله سبحانه وتعالى.وسيجد أنها إجابات وحل لكل الإشكالات العقائدية عند كل الملل من غير المسلمين أيضاً.

ولعل من أهم ما في هذا الكتاب انه يأخذ بيدك لتطبيق الاسم الشريف وتوقيعه على حياتك اليومية عملاً وسلوكاً وليس مجرد سرد نظري وبحث فلسفي

كل اسم من أسمائه سبحانه ضمن هذا الكتاب يمهد في شرحه للذي يليه والذي يليه يمهد للذي بعده وينتهي القارئ برؤية شمولية متكاملة للحق سبحانه وسيجد أن الأسماء التسعة والتسعون تشكل لبنات في بناءٍ إيماني متماسك لا ثغرات فيه  وذلك من خلال بحث متماسك تربطه عبارات لا حشو فيها ولا شطط جمعت بين أسلوب المتأخرين وكلمات المتقدمين.

وكل ذلك موضوع بشحنة إيمانية عالية تزيد القارئ قربا وحبا وخوفا ورجاءً من الله سبحانه وتعالى وتوفر عليه عناء وجهد البحث عن معنى الأسماء وما ترمي إليه .

عمل متفرد بموضوعيته ودقته ونفاذه إلى الأعماق بأبسط وأسهل عبارة وطريق.

إن وجد القارئ شيئاً من صعوبة الفهم فلا عليه إلا أن يعود مرة أخرى لقراءة الاسم وما قبله مستعيناً بالآداب النبوية في طلب العلوم الإلهية من وضوء وطهارة وتواصل مع الله سبحانه صاحب هذه الأسماء.   

وإن قدر له وأنهى الأسماء كلها في رحلته مع هذا الكتاب فإنه سيرى نفسه بمكان آخر ورؤية للحقيقة الإلهية ومعرفة بصفاته وعظمته سبحانه وتعالى وهو أشد ما يكون  حاجة إليها عندما ينتقل إلى العالم الآخر حيث لا شيء سوى الله جل حلاله.

وحين ينتهي من فهم أسمائه يكون قد قطع شوطاً في فهم وتفسير آياته إذ انه سبحانه ختم أكثر آياته باسم أو عدة من أسمائه. 

وأخيرا سيجد القارئ نفسه أمام بناء إيماني متماسك لا تعتريه التقلبات لأنه يرى كل شئ من خلال أسمائه سبحانه وستصبح أساس وبنية تفكيره ونقاشه لأي أمر من الأمور .